الفکر الأصیل

مدونة تُعنى بنشر الفکر الإسلامی الأصیل، والدفاع عنه بالحکمة والموعظة الحسنة

الفکر الأصیل

مدونة تُعنى بنشر الفکر الإسلامی الأصیل، والدفاع عنه بالحکمة والموعظة الحسنة

حریة الإرادة فی القرآن الکریم

إن الآیات القرآنیة تصرح باختیاریة الإنسان وأنه فاعل مختار مسؤول عن عمله، وهذه بعض آیات الذکر الحکیم التی أشارة لهذه المسألة:

حریة الإرادة فی القرآن الکریم

إن الآیات القرآنیة تصرح باختیاریة الإنسان وأنه فاعل مختار مسؤول عن عمله، وهذه بعض آیات الذکر الحکیم التی أشارة لهذه المسألة:

1ـ قوله سبحانه: (إِنَّا هَدَیْنَاهُ السَّبِیلَ إِمَّا شَاکِرًا وَإِمَّا کَفُورًا)، فالشاکر یسلک السبیل الذی أراده الله سبحانه له، فیصل إلى الهدف المنشود، بخلاف الکفور، فیسلک غیر هذا السبیل.

2ـ قوله سبحانه: (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِی وَإِنِ اهْتَدَیْتُ فَبِمَا یُوحِی إِلَیَّ رَبِّی إِنَّهُ سَمِیعٌ قَرِیبٌ).

ترى أن الآیة تنسب الضلالة إلى نفس الإنسان، والهدایة إلى وحیه سبحانه إلیه، مع أن الهدایة والضلالة کلها من الله سبحانه، وما هذا إلا لأنه سبحانه قد هیأ کافة وسائل الهدایة للإنسان منذ أن خلق إلى أن یدرج فی أکفانه، وهی عبارة عن تزویده بفطرة التوحید وتعزیزها ببعث الأنبیاء والمرسلین، والعقل السلیم، إلى غیر ذلک من أدوات الهدایة، فمن انتفع بها فقد اهتدى، فصح أن یقال: إن الهدایة من الله؛ لأنه زود الإنسان بوسائلها، ومن لم ینتفع بها فقد ضل، فصح أن یقال: إن ضللت فإنما أضل على نفسی. وبهذا المضمون قوله سبحانه: (مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا یَهْتَدی لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیْهَا).

3ـ قوله سبحانه: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّکُمْ فَمَن شَاء فَلْیُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْیَکْفُرْ).

ولا تجد فی القرآن الکریم آیة أکثر نصاعة فی حریة الإنسان من هذه الآیة، وقد صب شهیدنا الثانی (909 - 966 ه ‍ ) مضمون هذه الآیة ضمن بیتین، حیث قال:

لقد جاء فـی القرآن آیة حکمة *** تدمر آیات الضلال ومن یجبر

وتخبر أن الاختیار بأیدینا فمن *** شاء فلیؤمن ومن شاء فلیکفر

4ـ قوله سبحانه: (قَدْ جَاءکُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّکُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِیَ فَعَلَیْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَیْکُم بِحَفِیظٍ).

5ـ قوله سبحانه: (لِّیَهْلِکَ مَنْ هَلَکَ عَن بَیِّنَةٍ وَیَحْیَى مَنْ حَیَّ عَن بَیِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِیعٌ عَلِیمٌ).

6ـ قوله سبحانه: (کُلُّ امْرِئٍ بِمَا کَسَبَ رَهِینٌ).

7ـ قوله سبحانه: (إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا کُنتُمْ تَعْمَلُونَ).

إلى غیر ذلک من الآیات الدالة على أن الإنسان فاعل مسؤول عن أعماله، حر فی إرادته، مختار فیما یکتسب. وعلى ضوء هذا فمن حاول أن ینسب الجبر إلى القرآن فقد خبط خبط عشواء.

إن بعث الأنبیاء ودعوة الناس إلى طریق الرشاد، ونهیهم عن ارتکاب القبائح أوضح دلیل على أن الإنسان موجود قابل للإصلاح والتربیة، إذ لو کان مجبوراً على فعل المعاصی، لکان بعث الأنبیاء ودعوتهم أمراً سدى.

نعم الدعوة إلى حریة الإنسان وکونه فاعلاً مختاراً لا تعنی أبداً انقطاع صلة الإنسان بالله سبحانه وإرادته؛ لأن تلک الفکرة کفکرة الجبر باطلة تورد الإنسان فی مهاوی الشرک والثنویة التی لیست بأقل ضرر من القول بالجبر.

فالتفویض بمعنى استقلال الإنسان فی فعله وإرادته وکل ما یکتسب وخروجه عن سلطة الله سبحانه، تفویض باطل کالقول بأنه فاعل مجبور. لا جبر ولا تفویض: وقد أکد أئمة أهل البیت على وهن تلک الفکرتین، قال الإمام الصادق : «إن الله أکرم من أن یکلف الناس ما لا یطیقون، والله أعز من أن یکون فی سلطانه ما لا یرید».

وفی حدیث آخر عنالإمام الصادق فسر حریة الإنسان بهذا النحو: «وجود السبیل إلى إتیان ما أمروا، وترک ما نهوا عنه».

نعم الترکیز على بطلان الجبر أکثر فی الروایات من التصریح ببطلان التفویض، قال الإمام الصادق : «الله أعدل من أن یجبر عبداً على فعل ثم یعذبه علیه».

وسأل الحسن بن علی الوشاء الإمام الرضا : «هل الله أجبر العباد على المعاصی؟ فقال : الله أعدل وأحکم من ذلک».

نعم موضوع الاختیار عبارة عن الأفعال التی یقوم بها الإنسان، وأما الأمور الخارجة عن حیطة الثواب والعقاب التی ربما یبتلى بها الإنسان من حیث لم یشأ کالبلایا والمصائب والزلازل والسیول المخربة والأعاصیر، إلى غیر ذلک فهی خارجة عن اختیار الإنسان، فلیس هو بالنسبة إلیها لا فاعلاً جبریاً ولا فاعلاً بالاختیار. هذه هی نظرة القرآن الکریم فی أفعال الإنسان، غیر أن هناک شبهات تذرعت بها بعض الفرق الإسلامیة وحاولوا بذلک سلب الاختیار عنه ظناً منهم أنهم بذلک یحسنون صنعا.

اعداد وتقدیم : سید مرتضى محمدی

القسم العربی – تبیان

http://www.tebyan.net

   

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد